مع أبي العلاء في سجنه
طه حسين
* Affiliatelinks/Werbelinks
Links auf reinlesen.de sind sogenannte Affiliate-Links. Wenn du auf so einen Affiliate-Link klickst und über diesen Link einkaufst, bekommt reinlesen.de von dem betreffenden Online-Shop oder Anbieter eine Provision. Für dich verändert sich der Preis nicht.
العربية للإعلام والفنون والدراسات الإنسانية والنشر (أزهى)
Sachbuch / Kunst, Literatur
Beschreibung
ما أشك في أن أبا العلاء قد كان مِثْلَنَا، يحب أن يَعْرِفَ الناسُ مِنْ أمْره أشياء، ويكره أن يعرفوا مِنْ أَمْره أشياء أخرى. وقد احتاط الرجل لذلك ألوانًا من الاحتياط، واتَّقاه بضروب من التقيَّة. فألغز وغلا في الألغاز، واصطنع الاستعارة والمجاز، ودار حول كثير من المعاني دورانًا، ولم يرد أن يتعمقها في شِعره أو نثره مخافة أن يَظهر الناس على رأيه، وأن يعرفوا من أمره ما كان يجب أن يَجهلوا، ويطَّلعوا مِن سِرِّه على ما كان يؤثر أن يَظَلَّ عليهم مستغْلَقًا، ودونهم مكتومًا. وأنا أعرف أن العلم يكلِّف أصحابه أهوالًا ثقالًا، ويَحْمِلُهُم من بعض الأمر على ما لا يُحِبُّون أن يُحْمَلوا عليه؛ فيضطرهم أحيانًا إلى هتْك الأستار، وفضْح الأسرار، وإظهار الناس من أمر بعضهم على ما لا ينبغي أن يظهروا عليه. تلك تضحيات يتكلفها العلماء في سبيل الوصول إلى الحق، لا يُشْبهها إلَّا ما يتكلفه أصحاب العلوم التجريبية من تعذيب الحيوان في سبيل ما يبتغون من العِلْم الخالص، أو من العلم الذي يَنْفَعُ الناسَ في حمايتهم من العلل والآفات. طه حسين